كلمة المفتي في حفل السلام بين الأحزاب السياسة الأرترية

عقب صدور القرار الفيدرالي بين أرتريا وأثيوبيا، عقدت الأحزاب السياسية الأرترية اجتماعا عاما للمصالحة، حضره جميع زعماء الأحزاب السياسية في أرتريا وسائر الأعيان، ورجال السلك الدبلوماسي. وقد تم اللقاء في صباح يوم الأحد 22 ربيع الأول 1370 هجرية، الموافق 21 ديسمبر 1950م، في مبنى سينما “إمبرو” بأسمرة.  وقد ألقى سماحة المفتي كلمة ارتجالية، تلتها كلمات من رجال الدين القبطي، وأسقف الكاثوليك الإيطالي، ورجال الأحزاب السياسية. وفيما يلي كلمة سماحة المفتي. (أنظر ما يتعلق بتفصيلات هذا اللقاء في صفحة الحوادث ، فقرة “مؤتمر السلام والمصالحة.”


حضرات السادة:

الأديان السماوية عموما تدعوا الناس إلى الألفة والأخوة والتعاون على البر والتقوى، وكل أمة أقلتها أرض واحدة وأظلتها سماء واحدة، إن لم يكن رائدها الألفة والمحبة والإخلاص في العمل المثمر، فنهايتها تكون غير محمودة. واختلاف الآراء في المصالح المشتركة، وتمسك كل طائفة بمبدئها أمر معتاد بين بني البشر عموما، وتلك سنة الله في خلقه، وسلوك سبيل ذلك لا يعد جريمة، وكم في العالم البشري من أحزاب مختلفة المبادئ متفقة الشعور، والجريمة هي في التقاطع والتنابذ والاعتداءات والاستمرار فيها إلى النهاية.

ولقد كان السبب الرئيسي للتفرقة بين أبناء الشعب هو اختلاف آرائهم في تقرير مصير أرتريا السياسي، مع اتفاقهم على ما يرفع شأنها، وبمشيئة الله تعالى قد تقرر مصيرها في يوم 22 صفر 1370هجرية الموافق، 2 ديسمبر 1950م، فلم يبقى بعد ذلك إلا توجيه النداء لتوحيد القلوب وتنظيم الصفوف بيد وقلب واحدة نحو المسائل الوطنية، ونحو المسؤوليات الكبيرة المتوقع إلقائها على عاتق أبناء الشعب الأرتري في مستقبل الأيام.

ومن المؤكد أننا قد أخذنا دروسا من الأيام الماضية، فيجب أن نعلم جميعا أن المصلحة العامة تحتم علينا محاربة التفرقة وأسبابها وتوحيد الكلمة وتدعيم وسائلها، وبدون هذا لا يمكن أن تتحقق السعادة لا للوطن ولا للشعب. وهذا لا يتحقق بمجرد الاجتماع والكلام، بل لابد له من إخلاص قلبي يوافق ظاهره باطنه، ثم الاجتهاد لتهدئة ومعالجة ما تركه العصر الماضي من المآسي والثارات بين أبناء الشعب على ضوء العدالة الإنسانية. وبعد ذلك سد كل نافذة يخرج منها تيار المنازعات .. ونشر الأمور التي تساعد على انتشار الألفة والوئام بين أبناء الشعب، إذ النار لا يؤمن شرها متى بقي منها شيء في ناحية من النواحي التي كانت مندلعة فيها، فحين إذ يطلب التدقيق من القائمين بإطفائها، وتتبع أثارها والقضاء عليها تماما، حتى يحصل الاطمئنان بخمودها نهائيا …….

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *