تقرير المفتي عن أوقاف أرتريا الإسلامية لعام 1376هجرية

قدم سماحة المفتي هذا التقرير بصفته مسؤولا عن الأوقاف الإسلامية بأرتريا في لقاء عام في جامع الخلفاء الراشدين بأسمرة في 27 رمضان 1376هــ، ونشر في جريدة الزمان في أربع حلقات في نهاية شهر إبريل وبداية شهر مايو عام 1957م. وهذا التقرير يتناول وضع الأوقاف والمساجد والمؤسسات الدينية حتى عام 1376 هجرية الموافق 1957م. وقد تغيرت الأوضاع كثيرا منذ ذلك. وفيما يلي بعض أجزاء هذا التقرير ملخصا. المحرر.

الأوقاف الإسلامية بأرتريا مع ملحقاتها

تعريف الوقف: الوقف عند المسلمين هو حبس العين الموقوفة على ملك الله تعالى وصرف منفعتها إلى من أحب الواقف.

موضوعات تقرير أوقاف أرتريا مع ملحقاتها:

1-     المساجد والزوايا والجوامع

2-     المعاهد الدينية والمدارس الخيرية

3-     العقارات الموقوفة عليهما ونحوهما

4-     إدارة شؤونها

5-     المدارس القرآنية

6-    الأضرحة والمقامات وحوليات الأولياء

القسم الأول : المساجد والجوامع

أما المساجد فيعود تاريخها في هذه البلاد إلى تاريخ دخول الدين الاسلامي فيها، وهو عام 614م، وجرت عادة المسلمين في أرتريا أن كل موضع تستقر فيه جماعة غالبا لابد أن يكون لهم فيه مسجد يجتمعون فيه لصلاتهم، وأذكارهم، ولتلاوة القرآن، وتعليم الأطفال، ولحفلات مواسمهم الدينية ونحو ذلك.

والمساجد على قسمين:

– مساجد البادية وسكان الجبال

– ومساجد المدن والقرى

فالأولى يعسر ضبطها وإحصاها بالعد لكثرتها ولصعوبة الوصول إليها.

والثانية هى على قسمين أيضا:

– مساجد جديدة

– ومساجد قديمة

والأخيرة كانت في الجزر البحرية، وأهمها جزيرة باضع (مصوع)، حيث كان فيها عدد كبير من المساجد والجوامع فاندرس كثير منها، وعلى الأخص في زلزال باضع الذي حصل في عام 1339هجرية الموافق 1922م. ومحي فيها من الوجود عدد كبير من المساجد الأثرية (مثل):

  • مسجد حسن باشا
  • ومسجد أوده باش
  • ومسجد عبدو حامد
  • ومسجد ابن علوان
  • ومسجد عبدالله أسعد
  • ومسجد صباح
  • ومسجد الشيخ إبراهيم
  • ومسجد الشيخ إسماعيل
  • ومسجد خواجة صفر الرومي. 

كما زال عدد كبير من المقامات الشهيرة كمقام جعفر الطيار، ومقام النجاشي، ومقام الشيخ أبو بكر السيهاوي، ومقام عكاشة، ومقام شيخ حامد وغير ذلك، فكلها بعد الزلازل المذكورة أصبحت خبرا بعد عين.

عدد المساجد والجوامع في القطر:

وعلى حسب الإحصاءات الأخيرة الواردة إلينا من قضاة المحاكم الشرعية قد بلغ عدد مساجد المدن والقرى التابعة لها 796 مسجدا، وتقام الجمعة منها في 36 جامعا. وعدد ما يوجد في كل مديرية منها مايأتي:

المديريةعدد المساجدعدد الجوامعأسمائها (أماكنها)
ســراي2042جامع: عدي وقري، وعدي خالة
البحر الأحمر1726جامع: الشافعي والحنفي (بمصوع) والشاذلي (بحطملو)، وحرقيقو، ودهلك، وقندع
أكلي غوزاي1546جامع: صنعفي، وعدي قيح وساقنيت، ودقي محاري،  وماي عداقة، وظورنة
أغـوردات1258جامع: أم حجر وتسنى وعلي قدر، وبارنتوا، وأغوردات، وقلوج، وهيكوتة، وكيرو، وقونية
عصـب819جامع: عصب الكبير، وجامع عصب الصغير، وبيلول، وبرعاصولى، وراحيتة، وبدة، وطيعو، وعد، ومعدر
حماسـين 441جامع: العاصمة ( في عام 1381 هجرية قد زيد بأسمرة جامعين وهما: جامع عبدالقادر، وجامع أكريا)
كـــرن163جامع: كرن، ونقفة، وقارورة

سبب كثرة المساجد وقلتها:

ثم أن كثرة مساجد كل مديرية وقلتها يرجعان إلى كثرة وقلة المستقرين فيها.  فكل مديرية يستقر أكثر أهاليها في محل واحد دائما-كإقليم سراي- يكثر عدد مساجدها، وإن كان عددهم قليلا بالنسبة للمديريات الأخرى التى يتبعها عدد كثير ممن يتنقلون في رحلة الشتاء والصيف. وكل مديرية يقل إستقرار أهاليها في مكان واحد تقل مساجدها رغم كثرة عددهم. كما أن كثرة الجوامع وقلتها يعود إلى آراء المذاهب، ففي المناطق التي يسكنها أتباع المذهب الحنفي تقل الجوامع لاشتراط ذلك المذهب أن تكون الجمعة في مصر له مفتي وأمير وقاضي ينفذ الأحكام، وتكثر في المناطق الأخرى التي يسكنها أتباع المذاهب التي لا تشترط ذلك.

أشهر جوامع أرتريا:

وأشهر جوامع أرتريا والجوامع التي لها شئ من الأوقاف هي مايلي:

1-  جامع الشافعي بمصوع، يعتقد أنه من مؤسسات القرن العاشر الهجري، وكانت عليه كتابات عربية تدل على تاريخه ولكنها قد زالت .. في زلزال عام 1339هجرية.

2-  جامع الحنفي بمصوع، وقد كان الباني له شيخ معتقد يسمى شيخ آدم ابن محمد البركوي، وكانت له أملاك من مخازن ودكاكين في مصوع. والجامع المذكور كان مبنيا فوقها في الدور الثاني، وبعد وفاته باع الورثة تلك المخازن، ونقل الجامع من السطح إلى الأرض في المحل الذي هو عليه الأن، كما دلت على ذلك وثائق بعض القضايا. وقد جدد بعد ذلك عدة مرات، وهو أيضا من مؤسسات القرن العاشر الهجري، أي من العصر التركي. ولكلا الجامعين أوقاف غير متميزة بعد إختلاطها بسبب الزلازل المذكورة.

3-  جامع الخلفاء الراشدين بأسمرة، وقد بني الجامع المذكور في عام 1319هجرية الموافق 1900م وجدد عدة مرات، وأخيرا جدد في عام 1355هجرية الموافق 1936م على الصفة الحالية التي هو عليه الآن.  وتكلف تجديده في هذه المرة قرابة مليون ونصف من الفرنكات، وهو الجامع الوحيد في أسمرة عاصمة أرتريا. وفي عام 1366هجرية الموافق1947م قد اشترى مسلموا أكريا منزلا مع الأرضية التابعة لها لبناء الجامع والمدرسة عليها، ولكن توقف المشروع في مهده إلى هذا اليوم لقلة المصادر المالية.

أوقاف جامع الخلفاء الراشدين:

وقد أوقف عليه جماعة من المحسينين بما يقارب 28 بابا منهم:

– المرحومة دوستة إبراهيم عبد النبى المتوفية في 1343هجرية الموافق 1924م، وهي أول من أوقفت عليه.

– والشيخ أبوبكر ابن سالم باحمدون المتوفي في 4 محرم 1352هجرية الموافق 1936م،

– والحاج حسان عبدالله المتوفي 1361هجرية،

– والشيخ سالم ابن محمد باحمدون المتوفي 1359هجرية وولده سالم باحمدون،

– والشيخ أحمد ابن سالم العي المتوفي 1372هجرية الموافق1952م،

– والحاج عبدالله إبراهيم عمر الدين المتوفي 1370هجرية،

– والحاج محمد عبد محمد علي وإخوانه،

– والحاج عبدالله محمد قنافر وأخيه،

– والمرحوم سعيد سالم باعقيل المتوفي 1365هجرية الموافق 1946م وأخيه عمر سالم باعقيل. وسجل ذلك في محكمة أسمرة الشرعية.

4-  جامع كرن، وقد بني في عام 1314هجرية الموافق 1894م وله أوقاف يبلغ عددها حوالى 20 بابا في نفس المدينة، والمساعى مبذولة لبناء جامع ثاني في المدينة.

5-  جامع أغوردات، بني في عام 1330هجرية الموافق1911م، وله أوقاف تتكون من 6 أبواب في سوق أغوردات.

6-  جامع عصب الكبير، للسلطان محمد حنفرى، سلطان أوسه، بني عام 1310هجرية، وله 5 غرف مبنية حوله.

7-  جامع عصب الصغير، بني في عام 1357هجرية الموافق 1938م ووقفه غرفتان فقط.

8-  جامع عدي وقري، بني في عام 1331 هجرية الموافق 1912 م ووقفه يتكون من 5 غرف من وقف عبدالقادر عمرو ندم، ومحمد صالح ولد هيمانوت.

9-  جامع أم حجر، بني فى عام 1357هجرية الموافق 1938م وأوقافه 6 أبواب، 4 من وقف المرحوم الشيخ أحمد فلوج اليمانى المتوفي 3 شوال 1367هجرية الموافق 8 أغسطس 1948م و2 من التبرع.

خدمة المساجد:

ولهذه المساجد والجوامع خدمة يقومون بشؤونها وإقامة الشعائر فيها، وأغلبهم يقومون بخدمتها إبتغاء وجه الله تعالى ويساعدهم الأهالي بأشياء مما تجود بها أنفسهم، نظرا لعدم وجود أوقاف تصرف منها عليهم. وأما المساجد والجوامع التي لها أوقاف فإن مستخدميها يأخذون معاشاتهم شهريا بانتظام كسائر الموظفين الرسميين ويبلغ عددهم حوالى49 موظفا من الأئمة والخطباء والمؤذنين والخدم.

جوامع تعطلت فيها الجمعة:

وهناك جوامع تعطلت فيها الجمعة بسبب ظهور تصدع في بنائها منها: 

1-  جامع شريف علي بمدينة عد في منطقة عصب والمبني فى عام 1282هجرية الموافق عام 1865م، وقد انتقلت الجمعة منه إلى جامع مقام الأحمدية. 

2-  جامع عدي قيح، وقد بني عام 1328هجرية الموافق 1909م ثم جدد ووسع عدة مرات وأخيرا ظهر تصدع في بنائه فقرر المهندس إغلاقه خوفا من سقوطه على الناس وذلك في اليوم الثاني من صفر 1375هجرية الموافق 19 سبتمبر 1955م، وانتقلت الجمعة منه إلى المسجد الشاذلي الصغير.

3-   جامع  عداقة في أكلى غوزاى، لتصدع سطحه بالعواصف الجوية.

جوامع بنيت ولم يتم بنائها:

وهناك جوامع بدئ تأسيسها ولم يتم بنائها إلى الآن لعدم وجود المال اللازم، منها جامع عداقة نور بمصوع، فقد بدئ تأسيسه في شهر ذي القعدة 1355هجرية الموافق مارس 1936م من مال التبرع وفي أثناء ذلك وقعت الحرب العالمية الثانية فضاع المال المجموع ووثائقه في ذلك الحين وتوقف بنائه بسبب ذلك، وإلى الآن لايزال على حاله. ومنها جامع دقي محارى فقد بدأ مسلموها بجمع التبرعات لبنائه في شهر شوال 1371هجرية الموافق يوليو 1952م والعمل جاري فيه إلى الآن، ولما تأخر بناؤه أقيمت الجمعة في المنزل الذي أوقفه لمصالح المسلمين الشيخ أحمد قائد اليماني في عام 1365هجرية الموافق 15 يونيو1946م.

بناء الجوامع صعب على الأفراد:

الجوامع من المؤسسات العظيمة التي لا يستطيع القيام بها سوى الأغنياء وذوي السلطان، أو بالتعاون الجماعي من الأفراد بواسطة تدبير وتنظيم من السلطة الحاكمة، وقد كان جل بناء الجوامع في إرتريا من مال أفراد المسلمين -على الطريقة الأخيرة- غير أنها بنيت بدون أوقاف تكون حامية لها من الدمار والخراب، فلذا نخاف من الإضمحلال على كثير منها إن لم يأت العون من الله تعالى بنهضة تأخذ بيدها إلى الأمام.

جوامع نالت عناية الإمبراطور:

وهناك جوامع نالت عناية إمبراطور أثيوبيا، الرئيس الأعلى للفدرالية هيلى سلاسي الأول كما يأتي أدناه:

1-  جامع الحنفي بمصوع، فقد تبرع الإمبراطور بتجديده على نفقته الخاصة حتى صار من أفخم جوامع أرتريا.

2-  جامع عصب الصغير، فقد أمر الإمبراطور بإجراء التصليحات والترميمات فيه وتم ذلك فعلا.

3-  جامع كرن تبرع الإمبراطور بمبلغ 50 ألف دولار، والمساعي مبذولة لإتمام ذلك المشروع.

القسم الثاني : المدارس والمعاهد الدينية

لم يكن للمعاهد الدينية والمدارس الخيرية وجود في أرتريا قبل عام 1360 هجرية الموافق 1941م، وبعد ذلك أنشئ إلى هذا اليوم ما يأتي أدناه:

1-  المدرسة الخيرية الإسلامية بأسمرة للمرحوم محمد عبيد باحبيشي المتوفي في شهر محرم 1385هجرية الموافق 1939م، حيث أوصى بعمل المبنى التي هي فيه الان…..  وقد نفذ وصيته أشقاؤه وزادوا في غرفها وانتظمت الدراسة فيها في عام 1361هجرية الموافق 1942م، وسجل ذلك كله في محكمة مصوع وأسمرة الشرعيتين، وهى تعتبر أول مدرسة أهلية خيرية في القطر الأرتري، وهي الآن في حاجة شديدة إلى الترميم لتصدع بنائها وأبوابها.

2-  مدرسة حرقيقو ومعهدها الديني للمرحوم صالح باشا أحمد محمد كيكيا المتوفى يوم 10 رجب 1376 هجرية الموافق 10 فبراير 1957م. وقد أفتتحت المدرسة… في يوم الخميس 14 ربيع الاول 1363 هجرية الموافق 9 مارس 1944م، ومؤسسها قد أوقف عليها 48 دكانا في أديس أبابا وسجل ذلك في محكمة مصوع الشرعية.

3-  المعهد الديني الإسلامي بأسمرة ومكتبته العلمية للحاج أحمد عبيد باحبيشي وإخوانه عمر، وسعيد، وسالم. إبتدأ التدريس فيه في يوم الأربعاء 8 ذي القعدة 1363هجرية الموافق 25 أكتوبر 1944م.

أوقاف المعهد الديني بأسمرة:

وأوقف عليه المؤسسون المبنى الأرضي الملاصق لجناح المعهد والمخصص الآن لسكن الطلاب، ودار الكتب فوقها، وقصر يحتوي على 3 طبقات بمدينة مصوع، وسجل جميع ذلك في محكمة أسمرة الشرعية. كما أوقف عليه جماعة من المحسنين عدة عقارات:

– كالحاج عثمان عبدالله مفتاح المتوفي 1367 هجرية،

– والحاج عبدالله عمر الدين المتوفي 1370هجرية،

– والشيخ أحمد بن سالم بن سعيد العي المتوفي 1373هجرية،

– والشيخ سعيد باحكيم،

– والشيخ محمد بن أحمد بامشموش وأخيه عمر،

– والشيخ صالح سالم باحميد وأخيه أحمد.  

4-  المعهد الديني الإسلامي بمصوع للمرحوم أحمد عبدالرحمن هلال المتوفي في مدينة أسمرة في يوم الأربعاء 28 رمضان 1372هجرية الموافق 10 يوليو 1952م. وقد أسسه على أرضية وقف قديم هدم بناؤه في الزلازل المذكورة، فبني على الدور الأرضي 11 بابا وفوقه غرفة المعهد والمسجد وأوقف جميع ذلك. أفتتحت المدرسة رسميا في يوم الثلاثاء 10 محرم 1365هجرية الموافق 25 ديسمبر 1945م. وقد أوقفت عليه المرحومة حميدة بنت محمد سالم باطوق المتوفية في عام 1367هجرية عقارا بمصوع يحتوي على 3 غرف مبنية بالحجر وهى أول من أوقفت عليه.

5-  معهد الحجر الإسلامي بكرن قد أسس في عام 1370هجرية، حيث تبرع جماعة من المحسنين عدة غرف كانت مبنية حول جامع كرن، غير أن الدراسة لم تنتظم فيه إلى الآن لعدم وجود المدرسين فيه.  وهذه المعاهد والمدارس تحتوى على 53 غرفة ووقفيتها مسجل  في سجلات المحاكم الشرعية.

6-  المدرسة الاسلامية بعدي وقري للحاج عبدالله إبن الحاج محمد قنافر وأخيه، وقد أفتتحت في صباح يوم الخميس غرة محرم 1365هجرية الموافق 6 ديسمبر 1944م.

7-  مدرسة أكريا الإسلامية بأسمرة للحاج محمد عبد محمد علي وإخوانه، وكلا المدرستين تؤدي خدمتها بنشر التعليم والثقافة الإسلامية والعربية.

القسم الثالث: العقارات الموقوف عليها:

وهي العقارات الموقوفة للانتفاع بغلاتها وهي على نوعين: أوقاف قديمة وهي ما كانت قبل العصر الإيطالي، وأوقاف جديدة. { والاوقاف القديمة} محصورة في جزيرة باضع (مصوع)، وتاريخ بدأها مجهول، والمعلوم تاريخه سواء كان موجودا إلى الآن أو صار معدوما بسبب الزلازل فإنه يعود إلى العصر التركي.

الوقف الخيري والأهلي:

وينقسم الوقف إلى الوقف الخيري، كالموقوف على المساجد والمعاهد والمدارس والأبار والاضرحة والفقراء؛ وإلى الوقف الأهلي، كالموقوف على الذرية الذي ينتقل بعد إنقراضها إلى الأوقاف الخيرية. وكلا الوقفين كان موجودا من العصر التركي، غير أننا لم نعثر على سجلات العصر التركي بعينه، ولكن قد وجدت في أيادي أصحاب العقارات حججا رسمية بإمضاء قضاة العصر التركي، كالسيد آدم اسماعيل وغيرهم. والوقف الأهلي القديم في وقتنا هذا قد كاد إلى الإنقراض.

إندراس الأوقاف مع بقاء حججها:

وفي عصر الحكومة المصرية قد صدرت الأوامر بتسجيل كل من له عقار في جزيرة باضع (مصوع) لدى المحكمة الشرعية بمصوع، فكان كثير من أصحاب العقارات يحضرون الحجج الموجودة في أيديهم إلى القاضي الشرعي، وهو بدوره كان يطلع على تلك الحجج ثم بعد ذلك يطلب منهم إحضار البينة على صدور ذلك من القاضي المذكور فيها، وبعد البحث والثبوت الشرعي يسجل لهم إستحقاقهم ، …. وهذه التسجيلات بدأت من عام 1280هجرية الموافق 1863م. وجل الأوقاف قد زال وخفي أثره وضاعت معالمه عن التعيين، ولكن بقيت حججها في السجلات.

بعض الأوقاف المندرسة:

فمن الأوقاف الأهلية المندرسة التي توجد حججها:

  • وقف موسى قشمير،
  • وقف أحمد علي الفيروزي،
  • وقف عمر والت،
  • وقف محمد الدالة.

ومن الأوقاف الخيرية المندرسة:

  • وقف حسين باشا،
  •  وقف خواجة صفر الرومي المقتول في عام 953هـ، على مسجده .

ضياع عقارات الوقف وسببه:

كانت الأوقاف القديمة في الأزمنة الغابرة بيد القائمين بشؤون الجهة التي كان العقار موقوفا عليها كالأئمة والموذنين ونحوهما، بدون أي رقابة عليهم من الجهات العليا، وبسبب ذلك قد حصل للأوقاف ضياع كبير وضرر جسيم، ثم لحقها بعد ذلك ضرر آخر في زلازل مصوع المتقدم ذكرها، فهدمت جل مباني الأوقاف بسبب ذلك فأصبحت الأراضي خالية، ثم امتدت إليها أيادى الملك والتنظيم الحكومي فزال أكثرها من الوجود، ومن ضمنها المساجد التي ذكرناها آنفا.

عدد الامتار الضائعة من أوقاف مصوع:

وفي عام 1362هجرية الموافق 1943م قد قامت لجنة الأوقاف بمصوع بضبط أراضي الوقف وجمعت خرائطها، فظهر من ذلك أن عدد الأراضي التي ضاعت من الأوقاف قد بلغت 1,586 مترا مربعا، دخلت في الأملاك الخاصة ومشاريع التنظيم الحكومي. وقد طلبت اللجنة من الجهتين بدفع بدلها، وإلى الأن فأمرها واقف بدون حل.

الأراضي الحكرية وعللها:

الأراضي الحكرية معناها أراضي الوقف، وفي موضوعنا هذا نقصد بها عرصاتها الموقوفة التي انهدم بناؤها واستأجرها أرباب الأملاك الخاصة للبناء عليها مقابل إيجارات يدفعها مالك البناء شهريا لإدارة الأوقاف. وهي محصورة في جزيرة مصوع وعددها 35 قطعة، ومسائلها تعتبر من أهم علل الاوقاف التي صعب علاجها، وأصبحت الآن عرضة للضياع لتقادم عهدها ولكثرة أيادي الملك والتحولات من ملاك البناء العديدين بالبيع والإرث والهبة والتبادل في الحائط المبني فوقها، وإنكارهم الإعتراف بها إما كلا أو جزءا أو جهلا، حتى أن البعض منهم يدفع إيجارها طبقا لما كان يدفعه أسلافه مالكي البناء عليها قبل 67 عاما. وقد حاولنا التخلص منها ببيعها أو ببناء عمارة موعدة من ثمنها بدلا من عينها ولكن لم يتم ذلك إلى الآن .

الأوقاف الجديدة :

وأما الأوقاف الجديدة فنعني بها ما كان بعد العصر الايطالي، وهي توجد في كل من أسمرة، وكرن، وأغوردات، وأم حجر، وعدي وقري، ودقي محاري، كما يوجد قليل منها في مصوع، وهي أوقاف خيرية سوى قليل لا يذكر من الأوقاف الأهلية.

عدد عقارات الأوقاف ومحصولاتها والمصروف والمحفوظ منها:

وعدد عقارات الأوقاف المعدة للانتفاع بغلاتها يبلغ عددها 288 قطعة ما بين غرف وأبواب وأراضي حكرية. وعدد ما يوجد منها في كل مديرية ومحصولاتها ومصروفاتها ومحفوظاتها ما يأتي أدناه:

المديرية عدد الأوقافمحصولاتهامصروفاتهامحفوظاتها
البحرالأحمر 12710,45410,35995
حماسـين 588,0346,7331,300
عصـب 214,3141,3143,000
أغوردات 122,3071,455952
سـراي 516812642
كــرن 201,00991198
الجملة 28826,28620,8985,487

مصرف مالية الوقف:

فصارت جملة المحصولات ما هو موضح أعلاه، وتصرف هذه المحصولات على معاشات المستحقين من الأئمة والخطباء والمؤذنين والمدرسين والخدم الذي يبلغ عددهم حوالى 60 شخصا بالإضافة إلى الكهرباء، والماء، والفرش، وآلات التنظيف، ومصاريف حفلات المواسم، والترميمات، وضرائب الحكومة أخيرا وما أشبه ذلك .

عدد عقارات الأوقاف عموما:

وما ذكرنا من عدد عقارات الأوقاف هو الموقوف للإنتفاع بمحصولاتها دون سائر أنواع الأوقاف، كالآبار الموقوفة في سبيل الله وعددها 30، وحوالي 53 غرفة من غرف المعاهد والمدارس الخيرية والأوقاف الأهلية التي لم تسجل في سجلات الأوقاف، وحديقة نخل مع أبارها بعصب، {فباضافة هذه} ربما يقارب  مجموع عددها 400 ما بين أراضي وأبار وغرف وحدائق.

محل حفظ محصولات الأوقاف:

في العصر الإيطالي كانت مالية الأوقاف تحفظ بطرف خزانة المحافظة التي تتبعها منطقة الوقف أو في البنك الحكومي. وفي الحرب العالمية الثانية في عام 1359هجرية الموافق 1940م قد أدى ذلك إلى ضياع أرصدة الأوقاف التي كانت بطرف المحافظات في كل من أوقاف كرن، وأغوردات، وعصب، وبعد إنتهاء الحرب قد اجتهدت لجان الأوقاف في البحث عنها بدون جدوى. وأما الأرصدة التي كانت في البنك فقد صارت في حكم المفقود لهبوط قيمة الفرنكات الإيطالية، وبسبب ذلك وأسباب أخرى -كقلة أرصدة كل وقف بمفرده-، وعدم إستقرار تلك الارصدة في الصندوق للإحتياج إلى صرفها في أمور ضرورية، فإنها الآن تحفظ في يد شخص مأمون تثق به اللجنة من ذوي الأموال. وكنا قد فكرنا في عقد مؤتمر سنوي للجان الأوقاف وتنمية ممتلكاتها واستثمار الأرصدة المحفوظة، ولكن ضعف تلك المبالغ وقلتها قد حال دون ذلك فتوقف المشروع في مهده.

القسم الرابع: في إدارة شؤونها:

والمعلوم من حال الأوقاف أن إدارتها كانت في يد القائمين بشؤون الجهة التي كانت موقوفة إليها يتصرفون كيفما يشاؤون كما تقدم آنفا. فلما رأى المسلمون أن السير على تلك الطريقة يقضي على الأوقاف قضاء نهائيا، إتقفوا على إزالتها منهم وتكوين لجنة خاصة تشرف عليها جميعا.

إعتناء الحكومة بالأوقاف ووضع قانون لها:

وأيضا إعتنت الحكومة من جانبها بتنظيم الأوقاف الإسلامية وتنميتها، وفي تاريخ 30 من رمضان 1334هجرية الموافق 31 يوليو 1916م، قد أصدر رئيس حكومة أرتريا أمرا برقم 2616 يتضمن الإعتراف بها، وهذا نص المادة الأولى منه: “( يعترف) بمشروع الأوقاف على الشروط الإسلامية في مديريات أسمرة ومصوع وكرن، وستقوم بإدارته وكالة معينة من حاكم أرتريا”. ثم وضعت الحكومة قانونا رسميا برقم 7765 الصادر بتاريخ 20 أكتوبر عام 1936م ويحتوي على 27 مادة، والمادة الثالثة كانت تنص على أن إدارة الأوقاف تخضع لمراقبة الوالي. وهذا القانون هو الساري مفعوله في إدارة الأوقاف الإسلامية، سوى ما عدل منه وأصبح الآن قانونا دستوريا كما تقتضى ذلك المادة 96 من الدستور الأرتري .

تحويل مسؤولية الأوقاف إلى مفتي الديار الأرترية :

وفي اليوم الرابع من شهر نوفمبر 1943م الموافق 6 من ذي القعدة 1362هجرية قد أصدر حاكم عام أرتريا البريطاني أمرا بتحويل مسؤولية كافة الأوقاف الإسلامية إلى مفتي أرتريا، وفي نفس السنة قد أصدر المفتي قانون رقم (1) للأوقاف الأرترية الإسلإمية/ وفيه عدل قانون أوقاف مصوع وأصبح شاملا لجميع أوقاف مصوع، وكلا القانونين سوى ما عدل من الأول قد شمله الدستور الأرتري في مادته 96.. ….

………………………….

لجان الأوقاف:

وهذه اللجان تختار عادة من خيرة أعيان وأغنياء كل بلدة، وتستمد سلطتها من الأهالي بواسطة القاضي الشرعي، ثم يعينها مفتي الديار الأرترية بمنشور رسمي (للجان المهمة منها). ولجنة كل بلد مستقلة بشؤون وقف بلدها، وتعمل تحت إشراف القاضي الشرعي الذي يرفع التقارير من الأوقاف في المنطقة التابعة له إلى دار الإفتاء الأرترية. وهذه اللجان تحرر تقريرا سنويا عن عدد العقارات ومحصولاتها ومصروفاتها ومحفوظاتها، وترفعه إلى دار الإفتاء بواسطة القاضي الشرعي. ووقف كل بلد له ملف مخصوص في دار الإفتاء. وخدمات أعضاء اللجان مجانية وشرفية طبقا لمادة (6) من قانون الأوقاف الإسلامية. ويوجد الآن في المدن المختلفة 6 لجان لكل من أوقاف مصوع، وأسمرة، وكرن، وأغوردات، وأم حجر، وعدي وقري، ويختلف أحوال هذه اللجان نشاطا وإهمالا. وكانت اللجان الأولى أكثر نشاطا في مدينة مصوع، فلم تدخر وسعا في حفظ الأوقاف وضبطها، كما تدل على ذلك سجلاتها، ثم حصل بعد ذلك فتور وتهاون كبير من اللجان الوسطى حتى كاد ذلك أن يقضي على الأوقاف جميعها، وتلك الصفة لا زالت موجودة في بعض الأوقاف.

أعمال بارزة لبعض لجان الأوقاف:

وبعض هذه اللجان لها أعمال بارزة، حيث أنشأ أعضاؤها مؤسسات عظيمة، وأوقفوا جزءا من ممتلكاتهم -كما ذكر أسماء بعضهم-، وما زالوا يتبرعون إلى الآن؛ فجامعكم هذا -مثلا-، محصولاته لا تتجاوز مصاريف الخدم، والمكانس، والماء، والكهرباء، والتصليحات المهمة، ومصاريف حفلات المواسم التي تقام فيه؛ يدفع مصاريف جميع ذلك أعضاء اللجنة من أموالهم الخاصة، وبذلك يسجل لهم التاريخ لسان صدق في الآخرين، علاوة على ما ينالون من الثواب الجزيل عند الله تعالى.

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × واحد =