خطاب المفتي لطلب استمرار تدريس اللغة العربية

حضرة صاحب المعالي نائب حاكم عام أرتريا، فيتوراري تسفا يوهنس

في تمام الساعة الرابعة من مساء يوم الخميس 7 جمادى الثانية 1383هـ، الموافق 23 من أكتوبر 1963م، قد تحادثت معكم في موضوع اللغة العربية، وقلت لكم ورد إلى المعهد الديني الإسلامي خطاب مزيل بإمضاء مفتش المدارس الخاصة والتبشيرية، أتوا مسجنا المدوم، ومعه نشرة محتوية على 9 فقرات لنظام التعليم الصادرة من وزارة التعليم الإمبراطورية الإثيوبية، وهي تتضمن أنه ابتداءا من مسكرم 1956م[1] سيكون إعطاء الدروس باللغة الأمهرية ابتداءا من الفصل الأول، وقد أطلعتكم على نفس الجواب والنشرة؛ وخطاب المفتش طلب من المعهد تنفيذ ذلك، رغم أن مدرسي المعهد لا يعرفون شيئا من اللغة الأمهرية، فضلا عن تدريس القرآن والعلوم الإسلامية بها.

ومن ناحية أخرى فإن صحيفة الوحدة الحكومية اليومية نشرت في عددها الصادر يوم 10 من أكتوبر 1963م، ما يأتي :

“بموجب البرنامج الجديد ستدرس جميع المواد في المرحلة الأولى باللغة الأمهرية.”

فالنشرتان المذكورتان قد أدخلت في نفسنا الخوف لئلا يتجاوز أثر ذلك إلى الدين الإسلامي في هذا القطر، حيث أن تعاليمه كلها تستمد من اللغة العربية، وحرمان الناشئة الجديدة من تعلمها سيؤدي حتما إلى ضعف نفوذه في نفوس تلك الناشئة، وفي الأجيال المقبلة تدريجيا. وكما لا يخفى عليكم، فإن اللغة العربية لمسلمي هذا القطر هي لغة التعبير العام بمختلف وجوهه دينيا ودنيويا، كما أنها لغة التفاهم العام مع الشعوب المجاورة لهذه المنطقة من أبعد العصور إلى هذا اليوم، حتى الاستعماريين في عصرهم لما رأوا أنها لغتهم الوحيدة قد أصدروا مرسوما لتعليمها لهم بصفة إجبارية، علاوة عن المراسيم الصادرة بعد ذلك في شأنها بإجماع سكان هذا القطر كما هو معلوم لديكم. ولذلك فإن من حقهم على الحكومة أن توفر التربية والتعليم بها، حيث أنها أقوى من غيرها في تنمية الشخصية الإنسانية لهم، وذلك طبقا للمادة (26) وغيرها من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م، ومادة (29) من ميثاق أديس أبابا لمنظمة وحدة الدول الإفريقية التي جعلت أسبقية التعبير للغات الإفريقية التي في مقدمتها العربية. والمسلمون لا يقبلون بديلا عنها بأي حال من الأحوال، وإن كانوا يرحبون تعلم لغة أخرى معها، وهذا جزء من شعورهم في هذا الموضوع. ولأبلغكم ذلك الشعور شفهيا ثم كتابيا حضرت إلى مكتبكم، طالبا عدم المساس باللغة العربية، وإبقائها في المدارس الحكومية وغيرها كالسابق، حيث أنها للمسلمين وللدين الإسلامي بمنزلة الروح للجسد، وأقدم إليكم هذا تأدية للواجب الملقى على عاتقي منهم، ووفاء للنصح الذي يفرضه علينا الدين الإسلامي لأمثالكم الولاة في مثل هذه المهمة.

ثم قلتم لي معاليكم أن اللغة العربية ما زالت الدراسة مستمرة بها، وتأكيدا لذلك قد سألتم بالتلفون إدارة المعارف، فأجابتكم طبقا لما ذكرتموه لي، ولكن قلت لكم هذا غير كاف، بل أطلب من معاليكم الإفادة الرسمية كتابيا، ونشرها في الصحف تصحيحا وتوضيحا للنشرتين المتقدمتين آنفا، حتى يكون المسلمون على علم تام من مصير لغتهم التاريخية، ومستقبل ثقافتهم الجديدة.


[1] مسكرم هو أول شهر في التقويم الإثيوبي، الذي يتأخر عن التقويم الأوروبي المسيحي بثماني سنوات.

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *