خطاب المفتي في رفض لقب الكمندتور

كان من المعتاد عند الحكومات المتعاقبة في أرتريا توزيع الألقاب الفخرية على الزعماء والكبراء. وكانت هذه إحدى وسائل مكافئة الأنصار والموالين وكسب ولاء المناوئين. وكانت هذه الألقاب مما تتطلع إليها النفوس وتتنافس عليها الشخصيات، وكان الحصول على هذه الألقاب يعتبر مصدر فخر واعتزاز ليس للشخص فقط وإنما للقبيلة بأسرها. وقد عرضت على سماحة المفتي بعض هذه الألقاب فرفضها حفاظا على مكانة منصب المفتي وإبعادا لهذا المنصب من المناورات والضغوط السياسية. وقد منحت الحكومة الأثيوبية لقب “الكمندتور” لسماحة المفتي وأعلنت ذلك في الصحف دون أخذ الإذن منه، فكتب سماحته الرسالة التالية معتذرا عن قبول المنصب ومبينا سبب إعتذاره. وفي هذه الرسالة ينتهز سماحته الفرصة ويطالب بمعاملة منصب المفتي تماما مثل منصب بطريرك الأرثوذكس، وهو أمر كانت قد أخلت به السلطات الأثيوبية بعد إستلامها مقاليد الأمور في أرتريا، ولم يكف سماحته في الإعتراض على هذا التمييز، وظلت السلطة تتعمد وتتجاهل احتجاج المفتي وتنتقص مكانته. وقد حاولت السلطة تدارك هذا الأمر وإعادة الأمر إلى ماكان عليه بعد اشتداد ساعد الثورة وانتشارها، في محاولة لكسب ود وولاء المسلمين.


خطاب رقم 11857

إلى جناب صاحب المعالي ممثل جلالة الإمبراطور بأرتريا

الموضوع: طلب الإعفاء عن لقب الكمندتور

  1. في يوم 25 من محرم 1382 الموافق 28 من يونية 1962، قد شرفتموني بتقليدكم لي نجمة أثيوبيا وقلت لكم في ذلك الحين شفاهيا أن المفتي لايليق له حمل الألقاب المدنية.
  2. قد علمت من نشرة الصحف أن المعطى لي هو لقب “الكمندتور”، وحمله يعتبر غير لائق لمكانة المنصب الإسلامي الكبير الذي أحمله حيث يجعل درجة مفتي المسلمين في درجة الموظف العادي ….، ومن حمله ربما يلحقني لوم المسلمين في الحال وفي الأجيال المقبلة حيث أن أسلافي المفتين ماكانوا يحملون أمثال هذه الألقاب حفاظا على كرامة هذا المنصب، بل كانت تعطى لهم الجبب الفخرية الثمينة طبقا لقانون كساوى التشريف المعتادة في هذا القطر سابقا.لذا أرجوا من معاليكم رفع شكري إلى جلالة الإمبراطور على التقدير والتكريم الذي شملني به، وفي نفس الوقت أطلب إعفائي عن اللقب المذكور للسبب المشار إليه.
  3. طلبي هذا له مثال سابق مشروح لكم أدناه:
    • في عام 1363هـ الموافق 1944م قد عرضت علي الحكومة البريطانية لقب “الباشا” عندما أعطت ذلك اللقب لعدد من زعماء أرتريا المسلمين، فقدمت إليها إعتذاري عن التلقيب به لكون مكانة المفتي الذي أتقلده أرفع وأشرف من الألقاب المدنية.
    • في عام 1365 هـ الموافق 1945م، قد عين شيخنا الشيخ مصطفى عبدالرازق حسن شيخا للأزهر، وكان قبل ذلك يحمل لقب الباشا فلم يرضى حمل لقب الباشا مع اللقب الديني فطلب من الملك إعفائه عن ذلك اللقب، وفعلا قد صدر مرسوم ملك مصر بإعفائه عنه.
  1. إن منصب المفتي هو أعلى المناصب الدينية الإسلامية، وإني لا أطالب بأن يكون للمفتي درجة أعلى من الرئيس الديني للملل الأخرى، ولكن أطلب أن يكون له في الدرجة والاحترام والمراعات مثل ما لرئيس المذهب الأرثوذكسي في القطر الارتري بدون تمييز، طبقا لمادة 27 من الدستور الأرتري، وكما كان عليه الحال قبل عام 1952م، محافظة على الحقوق الدينية للشعب الإسلامي الأرتري.

ولي الرجاء أن أجد الإعفاء المذكور من اللقب ثم الإذن لي بنشر ذلك في الصحف اليومية.

مع التحية والإحترام

حرر في يوم الإثنين 28 محرم 1382 هـ الموافق 2 من يوليو 1962م.

صورة منه إلى صاحب المعالي رئيس السلطة التنفيذية (للمعلومية).

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *