بناء جامع مدينة كرن وجامع مدينة أقردات
(نقل بتصرف من كتابات وتقارير سماحة المفتي.)
مدينة كرن:
كرن ( بفتح الكاف)، ومعناها بلغة “البلين” حجر، وسميت بذلك لكونها تقع بين الروابي من الحجارة الصلبة، وكانت سابقا تسمى “سنحيت”، ويقال أن أول من سماها بذلك الاسم هو “إبراهيم ملاس”، أحد قواد الإمام أحمد -سلطان هرر وزيلع. وفي العصور الماضية كانت تسكنها عائلات معدودة، وكانت مرعى للبهائم. وفي عام 1289هـ الموافق 1872م، احتلتها الحكومة المصرية، وتوجد في ربوتها إلى الآن قلعتهم الأثرية في غربها. والمظنون أن عمارتها ابتدأت في العصر المصري، ونظمت واتسعت في العصر الإيطالي. وقد وقعت في عقبتها موقعة حربية هائلة بين الجيش الإيطالي وجيش الحلفاء، حيث انكسر فيها الجيش الإيطالي بعد أن قتل قائدهم الجنرال لورينزين”[1].
ومدينة كرن مدينة “جيدة الموقع، وجميلة المنظر، ولها هواء حسن، تقع في منخفض يحوطه الجبال والروابي”. وهي تبعد عن أسمرة ب 110 كيلو مترا.
جامع كرن الرئيس:
بني جامع كرن في عام 1314هـ الموافق 1894م، بمبادرة شاركت فيها الحكومة الإيطالية، حيث رصدت مبلغا كبيرا لبنائه وقسمت المبلغ على جميع قبائل كرن الإسلامية، وأدخلتها ضمن الضرائب السنوية حتى تم جمع المبلغ كاملا. وقبل الشروع في بناء الجامع تم إحضار خرائط الجوامع بمختلف أشكالها من البلاد الإسلامية الخارجية، وتم عرضها على القاضي الشرعي حامد عوض بن أراي باروس البني عامراوي، وعمد القبائل الإسلامية في كرن. وقد اختار القاضي الصفة التي يكون فيها الجامع مربعا، وأيده كنتيباي عثمان هداد، ناظر حباب ، قائلا: “إن القاضي هو المسؤول فالواجب إتباع ما أختاره”، ولكن المحافظ الإيطالي اختار الصفة المثمنة التي يكون فيها الجامع على ثمانية أضلاع. وقد استطاع المحافظ باستعمال سلطته أن يجعل سائر العمد في صفه، وبناءا على ذلك بني الجامع على تلك الصفة المقوسة التي صارت مثار جدل وخلاف أدى إلى التفكير في هدمه وبنائه من جديد.
وقد اشترى جماعة من المحسنين المباني المحيطة بالجامع وأوقفوها على الجامع، وبعضهم أوقفها أخيرا للمعهد الديني. ويبلغ عدد هذه الأوقاف حوالي 20 بابا. ومن الواقفين لها ما يأتي أسماؤهم أدناه:
– الشريفة علوية المرغنية.
– محمد باشا أبو بكر باخشب.
– عثمان عبد الرحيم.
– الحاج إبراهيم صالح حقوس.
– الحاج عطا ياسين وأخويه عبداي وبصيري.
– عبد القادر محمد صالح كبيرى.
– عثمان عيسى أحمد محجب.
– حامد ومحمود نجلي عبد الهادي.
– عبد الله رقباي
مدينة أقردات
أقردات بفتح الهمزة وضم القاف وسكون الراء، وسميت بهذا لما كان فيها من القراد الكثيرة، وكانت في العصور القديمة مرعى للبهائم وصحراء خالية. وفي عام 1305هـ الموافق 1887م، بنى الإيطاليون على الربوة المرتفعة منها قلعة ومحلا للعساكر، وصارت عمارتها تزداد بعد ذلك شيئا فشيئا. وقد حاول قائد الدراويش عبد الله بن إبراهيم انتزاع القلعة من الإيطاليين ولكنه أخفق وانكسر جيشه. ومدينة أقردات تقع في منطقة حارة، وتبعد عن أسمرة 200 كيلو متر.
جامع أقردات وبناؤه الأول:
بني الجامع لأول مرة في عام 1330هـ الموافق 1911م، بأموال المسلمين التي جمعوها تبرعا تحت إشراف الحكومة الإيطالية، في أيام قاضيها إدريس دنباي. وبقي الجامع على هذا البناء 45 عاما، ثم بتحريض من قاضيها العلامة إدريس حسين سليمان سعى المسلمون لتوسيع الجامع، وجمعوا لذلك الأموال، ثم شرعوا في هدمه وبنائه من الجانب الذي أرادوا توسيع الجامع من ناحيته، ولما قرب البناء إلى الانتهاء، أنهار البناء فجأة، وسقط الجانب الذي تم التوسع فيه. في أثناء ذلك، زار إمبراطور أثيوبيا مدينة أقردات في 27 جمادى الأولى سنة 1375هـ الموافق 10 يناير 1956م، فرفع إليه التماس لبنائه من جديد، وتكلم أمام الإمبراطور الأستاذ حامد فرج[2] عضو البرلمان الأرتري بالنيابة عن أهل البلد، وطلب منه التبرع لإنشاء مدرسة ومستشفى وتجديد الجامع، فوافق الإمبراطور على الطلب، فتم هدم الجامع وبناؤه في شهر صفر 1376هـ الموافق أكتوبر 1956م، وتم افتتاحه رسميا في صباح يوم الجمعة 5 محرم 1377هـ الموافق غرة أغسطس 1957م. ومنارة جامع أقردات يبلغ ارتفاعها 40 مترا، وهي مبنية على شكل هندسي بديع، وهي أعلى منارة في جوامع أرتريا.
أوقاف الجامع:
وأوقاف الجامع هي من المال المجموع من المسلمين بعد أن تم بناؤه الأول، وتقع في سوق منطقة أغردات، وهي مكونة من 6 أبواب، لكل باب غرفتان متداخلتان، وفسحتان في الخلف والأمام. ومن ضمن أوقاف الجامع دار القاضي الشرعي وهي بجوار الجامع.
[1] كانت معركة كرن من أشرس و أخطر المعارك الحربية، وقد وصل مجمل الإصابات فيها ما يقارب 50 ألفا. وقد قدر عدد قتلى الإيطاليين ب 3120 و9 آلاف من المجندين الأرتريين والأثيوبيين. وقدر عدد قتلى الجيش البريطاني بخمسة ألف.
انظر كتاب: Michela Wrong, I didn’t Do it for you
[2] تولى رئاسة البرلمان الإرتري، ثم أصبح مستشارا لحاكم عام إرتريا. اغتيل في أواسط السبعينيات. صحب سماحة المفتي في حجته في عام 1964م.
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!