موقف المفتي من الاختلافات القبلية والمذهبية
عاصر سماحة المفتي أنواعاً من الاختلافات والمنازعات التي كانت تشتعل بين الحين والآخر وتحدث شَرخاً واضطراباً في الصف المسلم. وكان سماحته دائم التحذير من الخلاف والانقسام، ولذلك غلب على دروسه ومقالاته التحذير من الفرقة والاختلاف، والدعوة إلى الاتحاد والترابط. وكان سماحته يبادر لمعالجة هذه الخلافات والقضاء عليها قبل احتدامها، وقد طاف مدن أرتريا وقراها في محاولات الإصلاح والتوسط بين المتنازعين. ومبعث هذه الخلافات كان في الغالب الجهل، والتعصب القبلي والمذهبي، والمنافسات الشخصية والتطلعات الذاتية. وبجانب هذا، كانت هناك عناصر مشبوهة تسعى ولأسباب مختلفة لتأجيج الخلاف وتغذيته، وفيما يلي بعض من هذه الخلافات التي عاصرها المفتي:
الخلاف بين الوطنيين وبين أبناء الجالية العربية:
كانت توجد في أرتريا جالية عربية كبيرة، أغلب أفرادها من حضرموت في اليمن. وكان أغلبهم يمارس العمل التجاري، وازدهرت تجارتهم في العصر الإيطالي الذي فتح لهم مجال الكسب والعمل الحر، وأصبحوا على مرِّ الأيام من أرباب الأموال وأغنياء البلاد. وكان لهذه الجالية دور بارز وملحوظ في دعم المشاريع الخيرية والمؤسسات الإسلامية. وكانت العلاقة بين أفراد هذه الجالية والوطنيين علاقة فيها الكثير من المودة، والتقدير، والاحترام. ولكن شاب هذه العلاقة شيء من عدم التفاهم في فترة من الزمن، وخاصة في مدينة مصوع، وذلك في عام 1946م الموافق 1365هـ. وقد احتدم هذا الخلاف واتسع في فترة إنشاء الجالية العربية ورئاسة الشيخ محمد باخشب لها. ومن قبل، اشتعلت فتنة سابقة أدت إلى إقالة نجيب جنبلاط من رئاسة الجمعية الخيرية، وتولية الشريفة علوية مكانه. وبعد وفاتها، تم انتخاب الحاج حسن علي رئيساً للجمعية ونجيب جنبلاط نائباً له في محاولة لرأب الصدع. وكان سبب الخلاف عدم مراعاة بعض أفراد الجالية العربية لحساسيات الوطنيين، ثم ردة الفعل الشديدة من الوطنيين، وانتشار الشائعات الخاطئة بينهم، وتدخل العناصر الموالية للإمبراطور. وقد تألم سماحة المفتي لهذا الخلاف ورأى فيه خطورة على الكيان الإسلامي، فبادر بالسفر إلى مصوع وعقد عدة اجتماعات مع كافة الأطراف، ورغم جهوده الحثيثة، وجد إصراراً شديداً من الوطنيين برفض الصلح، وذلك نتيجة لتدخل “عناصر تحب إثارة الفتن”. وقد شغل هذا الخلاف المجتمع المسلم فترة من الزمن ثم تلاشى بعد فترة في خضم الأحداث الأخرى التي عصفت بالبلاد.
الخلاف المذهبي:
نتشرت المذاهب الفقهية في أنحاء مختلفة من إريتريا، وخاصة المذهب الحنفي والمالكي مع وجود أقليات تتبع المذهب الشافعي. ونتيجة لظهور التعصب المذهبي، وفشو الجهل، ظهرت خلافات ومنازعات مذهبية شغلت العوام وذهبت بهم إلى كل مذهب. ومن هذه المسائل التي ظهر الخلاف فيها، مسألة الجمع والفصل في صلاة الوتر في التراويح. وقد أدى هذا الخلاف إلى تعدد الجماعات في المسجد الواحد، وإنكار بعضهم على بعض، وادعاء كل طائفة أنها على الصواب. ورغم أن سماحة المفتي كان حنفياً، فإنه مراعاة لأتباع المدارس المختلفة، كان يفتي على المذاهب الأربعة، بل ويرجح أحياناً ما يخالف قول الأحناف. وكان سماحته يؤكد على الجميع أهمية احترام المذاهب الأخرى، ويبين لهم أن التعصب للمذاهب مخالف لمنهج الأئمة والسلف الصالح. وقد كتب سماحته مقالاً وافياً في بيان هذه المسائل وذكر فيها:
“وقد كان الصحابة وهم خير الأمة بشهادة الرسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون بعضهم خلف بعض، وكذلك التابعون ومن بعدهم وفيهم المجتهدون مع وجود الخلافات الكثيرة بينهم في مسائل الفروع ولم ينقل عن أحد من السلف أنه كان لا يرى الاقتداء بمن يخالف قوله في بعض المسائل مع اشتهار الفارق المذكور فيما بينهم…. وأئمة المذاهب مع اختلافهم في بعض مسائل الفروع كانوا يحترمون آراء مخالفيهم، ولم ينقل عن أحد منهم منع الاقتداء بمن يخالف مذهبه بل ظل الأمر على العكس، فإنهم كانوا مثل الأسرة الواحدة يتآزرون في خدمة شرع الله، يستفيد هذا بما عند ذاك، وذاك بما عند هذا، ويثني بعضهم على بعض، وقد يعمل مجتهد بمذهب مجتهد آخر.
وقد ترك الإمام الشافعي رضي الله عنه القنوت في صلاة الصبح في بغداد عند قبر أبي حنيفة ولما قيل له لم فعلت ذلك؟ قال: تأدبا مع صاحب هذا القبر، وقيل أنه لم يجهر بالبسملة…وقد صلى هارون الرشيد إماما وقد احتجم بعد الوضوء وكان قد أفتاه الإمام مالك بأن لا وضوء عليه فصلى الإمام أبو يوسف خلفه ولم يعد الصلاة، مع أنها لا تصح على مذهب إمامه. وأيضا قد أخبر أبي يوسف المذكور بعض الصلاة نجاسة الماء الذي توضأ منه فقال: إذا نأخذ بقول إخواننا أهل المدينة: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث. وكان الإمام أحمد ابن حنبل يرى الوضوء من الرعاف والحجامة فقيل له: إن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ هل تصلي خلفه؟ قال كيف لا أصلى خلف الإمام مالك وسعيد ابن المسيب، أي لأن مذهبهما عدم انتقاض الوضوء بخروج الدم المذكور”.
الطرق الصوفية والجماعات “الوهابية”:
ظهرت الطرق الصوفية في إرتريا وانتشرت في مناطق مختلفة. ومن أبرز هذه الطرق: الطريقة الشاذلية، والميرغنية، والقادرية، والأحمد الإدريسية، والسمانية، والتيجانية. وأكثر هذه الطرق أتباعًا، وأوسعها انتشارًا، وأكثرها نفوذًا هي الطريقة الميرغنية. وكان لهذه الطرق دور مهم في نشر الإسلام وفي الوصول إلى العوام، وإحياء المشاعر والمعاني الإسلامية. ولم يكن لسماحته انتماء صوفي، وكان يتعامل مع هذه الطرق بحكمة وروية، متدرجًا في تصحيح ما يظهر من الخطأ، حسب ما يتناسب مع الظرف والمكان دون إحداث الفتن ودون تعجل. وعلى مر الأيام استطاع سماحته أن يعالج كثيرًا مما كان مخالفًا ومجانبًا للصواب. وقد حدثت في أيامه احتكاكات بين بعض المنتسبين إلى الطرق الصوفية وبين المنتسبين إلى ما عُرف في إريتريا بـ “الوهابية”، إشارة إلى أتباع مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي. وكان النزاع ينشأ في مسائل تتعلق بالبدعة، والتوسل بالصالحين… وقد حدثت فتنة من هذا النوع في عام 1370هـ الموافق 1951م في مدينة أغردات أدت إلى مصادمات جُرح فيها البعض، واستدعت سفر المفتي والالتقاء بالطرفين وإنهاء الخلاف صلحًا. وقد أوصى سماحته الجميع بالبعد عن ما يثير الفتن والشقاق، والتزود من العلم قبل التصدر للوعظ، والرجوع إلى العلماء والتتلمذ عليهم.
العلماء والدعاة ومناوئيهم من العوام وأصحاب السلطة والنفوذ:
كان العلماء والدعاة يواجهون العنت والصدود من البعض في قيامهم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أوذي البعض منهم وطرد آخرون. يقول سماحة المفتي في وصف معاناة العلماء والدعاة:
“إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قد أصبح القائم بهما في حرج شديد، لغلبة الجهل على العامة، وقلة العلماء، وعدم سماع نصائحهم … وقلب هذه النصائح والزيادة فيها… فإذا قال العالم إخفاء الذكر أفضل عند وجود المصلين خوفا من التشويش، يقلبون ذلك ويشيعون عنه أنه منع ذكر الله … وإذا قال اتركوا المديح بين آذاني الجمعة لأن ذلك غير مشروع، يقلبون ذلك ويشيعون أنه حرم مدح الرسول، وإذا قال ذبيحة الكتابي جائزة إن أوتي به على الوجه الشرعي، يقلبون ذلك ويزيدون فيه ويقولون أجاز الشيخ ذبيحة المجوس والموقوذة… وهكذا كل مسألة تأتي على خلاف مألوفهم…”[1]
ويشير سماحته إلى أن البعض ممن كان يشنع على العلماء ويثير العوام عليهم، هم من ذوي الأغراض الخاصة، والمصالح الشخصية، يقول سماحة المفتي:
“وهي في الحقيقة ليست من قبيل المدافعة عن الدين، بل هي من قبيل جعل الدين وسيلة للانتقام من أعدائهم، فترى موقظي هذه الفتن غالبا تجد أن له خصومة مع العالم أو مع المؤذن أومع الإمام، فلا يجد طريقا للانتقام منه إلا من جهة الادعاء عليه بمخالفة الدين، وإن كان كلامه مخالفا للواقع ليسئ سمعته وينفر العامة منه … ومنهم من يدافعون في الظاهر عن الجهر بالأذكار والاستغفار ونحو ذلك ولكنهم لا يصلون ولا يستغفرون في خلواتهم، بل فيهم من لا يعرف الجمعة والجماعات، ومن لا يصلي أصلا إلا نادرا … إما بدافع الحقد أو التعصب القبلي، أو قلة العلم، أو طلب شهرة”.
ويشير سماحته في أسف ما حل ببعض العلماء قائلا: “وكم من عالم طرد وأهين في قطرنا هذا بسبب كلمة الحق”، ويستطرد سماحته في ذكر بعضا من هؤلاء العلماء والدعاة الذين نالهم الأذى، ويقول :
– فقد طرد الشيخ حمدان الحجازي من مصوع إلى بلدته بسبب نصيحة دينية.
– وطرد الشيخ محمد الكرمي من مصوع بسبب نهي بعض أبناء الوجهاء عن الخمور والزنا.
– وطرد عالم حضرموت باصبرين من مصوع بسبب نهيه عن النياحة، وشق الجيوب، وخمش الوجوه، حينما شاهد ذلك في موت أحد أقارب أحد العظماء.
– وطرد الشيخ عمر مصري من عدي قيح إلى البادية لنهيه القضاة عن الرشوة.
– وطرد الشيخ محمد سراج من عدي وقري إلى جندع بسبب نهيه عن الخمور في الولائم، والنياحة في الجنائز، ولامتناعه عن حضور ذلك.
– وطرد السيد حسن القطاس من أسمرة بسبب الوعظ.
– وطرد قاضي سعيد إمناي من أغردات إلى أديس أبابا بسبب قوله للمفطرين في نهار رمضان عليكم الكفارة، فقلبوا ذلك وادعوا عليه أنه قال لهم كفار.
– وطرد الشيخ محمد نور أبو علامة من أغردات إلى عدي قرات بسبب جلوسه متربعا في حفلة المولد الذي حضر فيه السيد جعفر الميرغني …
وقد حدثت حوادث أخرى مؤسفة طالت بعض كبار العلماء في إرتريا. منها حادثة جامع كرن ضد القاضي العلامة الشيخ موسى آدم عمران في عام 1363هـ الموافق 1944م، وحادثة جامع أسمرة في عام 1364هـ الموافق 1945م ضد خطيب وإمام الجامع العلامة الشيخ أحمد صالح الطروعاوي، وحادثة جامع أغردات في عام 1361هـ الموافق 1942م ضد إمام الجامع. وكان الطرف المناوئ في كثير من الحوادث هم خلفاء المراغنة الذين كانت لهم الكلمة والصدارة في العصر الإيطالي. وكان ظاهر هذه المنازعات أمور تتعلق بالأذكار الجهرية.
وقد سافر سماحته إلى أغردات وكرن وجمع الطرفين وأجرى بينهم الصلح وأنهى النزاع بينهم. أما فتنة جامع أسمرة فقد أدت إلى استقالة العلامة الشيخ أحمد من منصبه، وقد لعبت التعصبات القبلية دورها في إقصاء الشيخ أحمد، وهو عالم أزهري مرموق، وحل محله من لا يحمل أدنى مؤهل شرعي. ونظراً لتكرار النزاع في مسألة الجهر بالأذكار، فقد أصدر سماحته منشوراً ملزماً، التزم فيه حلاً وسطاً من أجل رأب الصدع وسد الفتنة (انظر الملحق).
قواعد ومبادئ لجمع الصف وتوحيد الكلمة:
كان سماحة المفتي يؤكد في مقالاته، وكتاباته، ودروسه على معاني وأصول مهمة لنشر الوعي بين الناس وسد باب الشقاق، وفيما يلي بعضا من هذه المعاني:
- البعد عن الغلو والتشدد: وكان يؤكد في مقالاته أن “خير الدين أيسره” و “خير الأعمال الأوسط”.
- التمسك بالسنة والابتعاد عن البدعة: وكانت افتتاحية خطبته التي حفظها الأرتريون من كثرة ترداده لها القول المأثور: “وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار”. وكان يستشهد بقول عبد الله بن مسعود: “الاقتصاد في السنة خير من التوسع في البدعة”.
- لا إنكار في الأمور الاجتهادية: يقول سماحته في أداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: “أن يكون المنكر معلوما بغير اجتهاد، وما قاله مجتهد معتبر كأبي حنيفة، ومالك والشافعي، ونحوهم فليس بمنكر والله أعلم”.
- التسامح واحترام الرأي الآخر: يقول سماحته: “وأئمة المذاهب مع اختلافهم في بعض مسائل الفروع كانوا يحترمون آراء مخالفيهم …، ويثني بعضهم على بعض، وقد يعمل مجتهد بمذهب مجتهد آخر”.
- التعلم والرجوع إلى العلماء: يقول سماحته: “إن الجاهل لا يحسن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما لجهله ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر”.
- تقديم المفضول من الأعمال، إن كان في ذلك ما يؤدي إلى اتحاد الكلمة: يقول سماحته: “وكلما يؤدي إلى ائتلاف المسلمين، وتوحيد صفوفهم، يقدم على ما يؤدي إلى الاختلاف والمنازعات، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، حتى ولو كان هناك مفضول يؤدي إلى الائتلاف، فإن العمل يكون عليه، ويترك الأفضل لأجل الألفة.”
- عدم مراعاة النواحي القبلية في تولية الآخرين: يقول سماحته: “وكل من بيده سلطة تولية الغير {عليه} أن يحسن اختيار ذوي الكفاءة والنزاهة والاستقامة، وأن لا يراعي النواحي القبلية والعنصرية في مثل ذلك، فالشرع الإسلامي يجعل مراعاتها من أفظع الخيانات، ومن علامات الساعة. أخرج الحاكم النيسابوري في مستدركه عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استعمل رجلا على عصابة، وفي تلك العصابة من هو أرضى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين، وفي رواية أخرى عنه: من تولى من أمر المسلمين شيئا فاستعمل عليهم رجلا وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله، فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين. وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة.”
وقد كانت آخر كلمات سماحة المفتي في وصيته الأخيرة لعامة المسلمين:
“وأن لايتنازعوا ولا يتفرقوا وأن يكونوا في الله إخوانا…وإني أوصيهم بأن يعتصموا بحبل الله جميعا … ويحافظوا على الأمانة الدينية … وأن يكونوا متحابين ومتعاونين مع جميع الملل …”
________________________________
ملحق:
منشور المفتي في حادثة رفع الصوت بالذكر في جامع أسمرة:
وقع في الأيام الماضية سوء تفاهم قليل بين بعض المصلين في جامع أسمرة في مسألة رفع الصوت بالذكر عند وجود المصلين في صلاتهم، ولكن بفضل الله تعالى قد أزيل ذلك وتم على حسن التفاهم ورجعت الأمور إلى مجاريها بالرجوع إلى القواعد الشرعية الإسلامية. وفي الشرع أن ذكر الله تعالى مستحب سرا وجهرا في كل مكان وزمان إن خلى من الموانع الشرعية كالتشويش على المصلين ونحوه، وعن رفع الصوت بالذكر ونحوه في المساجد والجوامع. أما إذا كان فيه تشويش على المصلين في صلاتهم فمكروه باتفاق العلماء، وعند بعضهم محرم، لذا لزم السير على ما يأتي أدناه:
مادة 1: الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يكون سرا في جامع أسمرة خلف الصلوات الخمسة ابتعادا عن ارتكاب التشويش حيث أن الجامع المذكور غالبا لا يخلو من المصلين في هذه الأوقات.
مادة 2: من خالف هذا أو ارتكب الجهر مع وجود المصلين في الأوقات الخمسة في الجامع المذكور تتخذ الإجراءات اللازمة لمعاقبته لتسببه ما يوجب الاضطراب بين المسلمين .
مادة 3: مساجد الأحياء والزوايا مستثناة مما ذكر أعلاه فلا مانع من رفع أصواتهم بالأذكار والصلوات النبوية عقب الصلوات الخمسة حيث لا يظن فيها غالبا وجود تشويش على المصلين.
مادة 4: عقب السلام من ركعتي فرض الجمعة لا مانع من الاستغفار جهرا حيث أن غالب الظن عدم وجود التشويش على المصلين في ذلك الحين.
مادة 5: يجب عموما على كل مسلم مراعاة المصلين في حالة قراءته وذكره في جميع المساجد لئلا يقع في إثم التشويش.
مادة 6: الجماعة الذين يحضرون للصلاة بعد جلوس المدرس على الكرسي ينبغي لهم أن يصلوا في جناحي الجامع لئلا يعطلوا المدرس عن درسه أو يشغلوا أنفسهم في صلاتهم.
مادة 7: نصيحتي إلى كل الطوائف الإسلامية التي تحرص على خدمة الإسلام أن يغضوا النظر عن الأمور التوافه ويتركوا النزاع في المباحات والمستحبات الدينية التي يتسبب منها مضرة التفرقة بين المسلمين وأن يتوجهوا جميعا إلى محاربة المحرمات وجميع ما يرجع بالمضرة على المجتمع الإنساني …… والله الهادي إلى أقوم الطرق وبيده زمام التوفيق.
حرر في 13 ربيع الثاني سنة 1364هـ الموافق 27 مارس سنة 1945م
مفتي الديار الأرترية ورئيس قضاتها ورئيس محكمة الاستئنافات الشرعية.
[1] محرر الموقع: وهذا شبيه بما ذكره الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام عن الإمام الشهير عبد الرحمن بن بطة حيث يقول بعض تفصيل ما تعرض له من الطعن والتجريح: ”ومهما وافقت بعضهم عاداني غيره، وإن داهنت جماعتهم أسخطت الله تبارك وتعالى، ولن يغنوا عني من الله شيئا. وإني مستمسك بالكتاب والسنة وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو وهو الغفور الرحيم.” يقول الإمام الشاطبي معلقا: “هذا تمام الحكاية فكأنه رحمه الله تكلم على لسان الجميع. فقلما تجد عالما مشهورا، أو فاضلا مذكورا، إلا ونبذ بهذه الأمور أو بعضها، لأن الهوى قد يداخل المخالف، بل سبب الخروج عن السنة الجهل بها، والهوى المتبع الغالب على أهل الخلاف، فإذا كان كذلك حمل على صاحب السنة أنه غير صاحبها، ورجع بالتشنيع عليه، والتقبيح لقوله وفعله، حتى ينسب هذه المناسب. وقد نقل عن سيد العباد بعد الصحابة (أويس) القرني أنه قال: إن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقا، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا، ويجدون على ذلك أعوانا من الفاسقين، حتى – والله – لقد رموني بالعظائم. وايم الله لا أدع أن أقوم فيهم بحقه”. (ص 29-30 الجزء الأول)
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!