الشريفة علوية، زعيمة الطريقة الميرغنية في أرتريا (ملحق عن الطريقة الميرغنية)
الطريقة الميرغنية هي من أشهر وأكبر الطرق الصوفية في أرتريا. وقاعدتها في السودان ومنها انتشرت في أرتريا (انظر الملحق). والسيدة علوية بنت السيد هاشم الميرغنية سيدة مشهورة ومتبوعة في أرتريا، وكانت لها الريادة والمكانة البارزة في العصر الإيطالي. عرفت بحكمتها، وببعد نظرها، وقدرتها على استقطاب الأنصار والأتباع. وقد توفيت في أوائل الأيام التي عاد فيها سماحة المفتي إلى بلده. وفيما يلي مقتطفات مما ذكره سماحته في مؤلفه عن هذه السيدة الفاضلة.
- السيدة علوية بنت السيد هاشم بن السيد محمد عثمان بن محمد بن أبو بكر بن عبد الله الميرغني، ولدت المذكورة في حوالى 1294هـ (1877م).
- بعد وفاة والدها، عام 1901م، قامت مقامه وحازت قبولا عظيما لدى المسلمين، دون أن تتولى مشيخة الطريقة.
- وبسبب هذه المكانة التي كانت لها عند الناس، ولأسباب سياسية أخرى احترمتها الحكومة الإيطالية احتراما كبيرا، وأصبحت مسموعة الكلمة عندها. ونظرا لمنزلتها الكبيرة لدى الحكومة الإيطالية، فإنها كانت واسطة بين الحكومة وبين الشعب الإسلامي في مهمات الأمور التي تحتاج إليها الحكومة.
- زارت مدينة روما، عاصمة إيطاليا، والتقت بملكها بدعوة من الحكومة الإيطالية.
- وفي عام 1358 هجرية، الموافق 1939م، سافرت منا إلى إثيوبيا، بطلب من الحكومة الإيطالية (بعد احتلالها للحبشة)، على رأس وفد إسلامي مكون من العلماء، والقضاة، والخلفاء[1]، والنظار، والأعيان، ليطلعوا بأنفسهم على أحوال المسلمين وتحسن أمورهم في أيام الحكم الإيطالي (حسب زعم الحكومة الإيطالية). مكثت الشريفة والوفد المرافق لها في هذه الرحلة حوالى شهرين وزارت مدنا كثيرة، والحكومة تحوطها بنطاق من الراحة، وفخامة الاستقبالات، والاحتفالات العظيمة. ثم رجعت بعد ذلك من هناك عن طريق البحر إلى مصوع حيث كانت لها منازل كبيرة في مصوع، وأسمرة، وكرن تتنقل إليها مع اتباعها في أي وقت شاءت.
- تولت رئاسة الجمعية الإسلامية الخيرية بأرتريا،[2] بعد أن حصل خلاف بين المسلمين العرب والوطنيين في رئاسة نجيب جنبلاط.
- تزوجت برجل سمه السيد محمد صالح العلوي المكي، وحصل بينهما وبين قريبها السيد جعفر الميرغني خلاف طويل فيما يتعلق بزعامة الطائفة، أدى إلى اشتعال الفتنة وتدخل الحكومة الإيطالية ، حيثأمرت الحكومة السيد محمد صالح العلوي أن يغادر أرتريا، فسافر حالا إلى مكة، موطنه الأصلي، وبقيت المذكورة في عقده مدة، ثم بعد مداولات عديدة بواسطة القنصل الإيطالي بجدة طلقت منه بالخلع ولم تتزوج بعده، ولم تترك ذرية.
- مكثت محتفظة بشرفها ومكانتها إلى أن وافتها المنية في منزلها بمدينة كرن في ليلة الجمعة الرابع من رمضان 1359 هـ، الموافق 24 أكتوبر 1940م، وأوصت أن تدفن مع والدها في “حطملو” الجنوبية بمصوع.
- نقلت جثتها من كرن بالقطار في نهار الجمعة فوصلت أسمرة في الساعة الخامسة مساء. ولمقابلة جنازتها خرج سكان أسمرة من الرؤساء، والأعيان، ورجال الدين وغيرهم إلى المحطة في الساعة المذكورة، وفي مقدمتهم حاكم عام أرتريا، ورئيس إدارة الشؤون السياسية، ومحافظ أسمرة، وجميع أعيان البلد من المسلمين والنصارى.
- وفي يوم السبت ووري جثمانها في مقرها الأخير، وحضر جنازتها ودفنها خلق كثير من المدن والقرى والبادية، وصلي عليها صلاة الجنازة غائبا في جوامع أرتريا عقب صلاة الجمعة.
نقل بتصرف من مؤلف المفتي: لفت النظر إلى علماء الإسلام بأرتريا في القرن الرابع عشر
__________________________________________
ملحق:
الطريقة الميرغنية (وتعرف أيضا بالختمية نسبة إلى “خاتمة الطرق”)
- مؤسس الطريقة هو محمد عثمان الميرغني، المولود بمكة في عام 1793م، وينتمي إلى أشراف مكة.
- كان هو وزميله السنوسي من أبرز تلامذة السيد أحمد علي بن إدريس الفاسي، رئيس الطريقة الشاذلية في مكة.
- أرسله شيخه إلى السودان لدعوة الناس وهناك تزوج من فتاة “دونقلاوية” رزق منها بابنه الحسن.
- وفي عهد النائب يحيى، جاء الميرغني إلى بلدة حرقيقو في إريتريا، وأقام بها لمدة ثلاث سنوات، ثم غادرها إلى مكة، وعاد مرة أخرى ومكث فيها بها بضع سنوات أخر،[3] وقد دُفن ثلاثة من أبنائه الصغار في حرقيقو.[4] غادر الميرغني حرقيقو نهائيا بعد تعيين نواب محليين (خلفاء).[5] وكان من بينهم من قبيلة بني عامر: مدني قرجن، ومحمد ولد كيلاني، والخليفة علي؛ وفي مصوع: الشيخ علي، ومحمد بن علي، والخليفة عمر وغيرهم.[6]
- عاد إلى مكة وأنشأ له طريقة خاصة، وصار له أتباع في الحجاز، واليمن والسودان.
- رحل عن مكة بعد اختلافه مع بعض علمائها، واستقر في مدينة الطائف حيث توفي فيها في عام 1853م.
- تولى أكبر أبناءه، محمد سر الختم، مشيخة الطريقة بعد أبيه لفترة قصيرة، وبعد وفاته دب النزاع بين أفراد الأسرة فاستقل كل واحد من أبناء وأحفاد المؤسس بمشيخة الطريقة في مناطق مختلفة من الحجاز واليمن والسودان.
- أصبح فرع السودان تحت نفوذ الحسن بن محمد عثمان الميرغني، الذي اتخذ من كسلا قاعدة له، وتوارثت ذريته مشيخة الطريقة في نواحي السودان.
- وكان من أولهم وصولا واستقرار في أرتريا، السيد هاشم بن محمد عثمان الميرغني -المولود عام 1849م-، فإنه انتقل أولا إلى غرب أرتريا، ثم رحل إلى مصوع في عام 1301هجرية (1884م)، وسكن في حطملوا وتوفي فيها في 1319هجرية (1901).
- انتشرت الطريقة في وسط قبائل بني عامر، وحباب، وعد تكليس، وعد تماريام، وأساورتة ووصلت إلى أثيوبيا.
- أصيبت الطريقة بنكسة على يد الحركة المهدية حين استولت على السودان، إلا أنها استعادت مكانتها مرة ثانية إثر سقوط الدولة المهدية.
- كان للطريقة دور مهم في نشر الإسلام لدى كثير من القبائل وإحياء المعاني الإسلامية. وكان أفراد الأسرة الميرغنية موضع احترام وتقدير واسع في أرتريا، ولذلك تم اختيار السيد محمد أبو بكر الميرغني رئيسا لحزب الرابطة الإسلامية في أرتريا في عام 1947.
- عاصر سماحة المفتي الطريقة في أوج قوتها يوم كان طالبا في السودان. وقد ساءه كثيرا ما رآه في السودان من مبالغات الاتباع في تقديس أئمتهم، وحين عودته إلى أرتريا كان نفوذهم قد ضعف بعض الشيء. ولا تزال بقية من أذكار ومدائح الطريقة منتشرة في أرتريا، وحولياتها تقام في بعض المناطق. ولم تكن العلاقة بين خلفاء الطريقة الذين كان لهم النفوذ المطلق (وخاصة في العصر الإيطالي) والعلماء والدعاة خالية من التوتر في بعض الأحيان. وقد عزل بعض القضاة، ونقل آخرون بسبب شكوى الخلفاء. لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى[7]:
[1] لقب “الخليفة” كان من الألقاب التي تمنح لأتباع الطريقة الميرغنية ممن بلغوا رتبة من رتبهم. وكان شيخ الطريقة هو الذي يقوم بمنح هذه الألقاب.
[2] الجمعية الخيرية: أنشئت هذه الجمعية بالمرسوم الحكومي رقم 23 ، المؤرخ يوم 30 يوليو 1937م والمحتوي على 27 مادة، وهدفها معاونة الفقراء، والعجزة، والأيتام، والمرضى، وتجهيز الجنائز، ودفن الموتى ومساعدة الفقراء الراغبين في الحج وغير ذلك كما تنص المادة الأولى في المرسوم. وكان للجمعية مركزان: أحدهما في مصوع، والثاني في أسمرة. (نقل بتصرف من تقرير لسماحة المفتي عن الهيئات الإسلامية في أرتريا)
[3] إبراهيم المختار، لفت النظر… .
[4] ابن إدريس الربابطي، الإبانة النورية في شأن صاحب الطريقة الختمية، 2021م، ص 33.
[5] إبراهيم المختار، لفت النظر… .
[6] الربابطي ، ص 31-34.
[7] Spencer Trimingham, Islam in Ethiopia
Spencer Trimingham, Islam in the Sudan
ابن إدريس الربابطي، الإبانة النورية في شأن صاحب الطريقة الختمية.
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!