مؤتمر السلام والمصالحة (ملحق جدول بالأحزاب السياسية)
بدأت الأحزاب السياسية في الظهور على الساحة الأرترية في عهد الإنتداب البريطاني ، وتكاثرت أعدادها بعد بدأ المداولات الدولية لتحديد مصير ومستقبل أرتريا. وقد وصلت هذه الأحزاب في فترة من الفترات إلى أكثر من 13 حزبا سياسا (أنظر قائمة الأحزاب في الأسفل). وقد تباينت مواقف هذه الأحزاب السياسية ، وتعددت ولاءاتها ، واختلفت أساليبها ، وتفاوتت إمكانياتها المادية والبشرية. وكان الخط العام لهذه الأحزاب إما الدعوة إلى الإستقلال ، أوالإنضمام إلى أثيوبيا ، أو تجزئة البلاد ، أو وضعها تحت الوصاية الإيطالية. وكان الغالب على هذه الأحزاب العمل السياسي السلمي ، ماعدا حزب الإتحاد فإنه كان له جناح يمارس العنف والإرهاب السياسي ، وقد ذهب ضحية هذه الممارسات عدد من الشخصيات السياسية البارزة. وكانت معظم هذه الأحزاب تعتمد على مواردها المحلية ، والبعض منها أنشأ بإيحاء من جهات خارجية وكان ممولا من قبل هذه الجهات. وأكبر هذه الأحزاب حجما وأوسعها إنتشارا هما: حزب الرابطة الإسلامية الداعي للإستقلال ، وحزب الإتحاد الداعي للإنضمام مع أثيوبيا. وكان حزب الرابطة يتميز على حزب الإتحاد بكونه حزبا نشأ بجهود محلية وبتمويل محلي ، عكس نظيره الذي كان تحت تأثير وتوجيه الإمبراطور وأعوانه.
وقد كانت كثرة هذه الأحزاب مصدر بلبلة وإحباط للعامة ، وقد عبر عن هذا مقال نشرته جريدة “الرابطة الإسلامية” في عددها رقم 68 الصادر في 11 جماد الثاني 1369هـ الموافق 3 مارس 1950م ، وفيما يلي مقتطفات من هذا المقال:
“هذه هى أحزابنا السياسية التي ولدت لنا في ظرف عشر سنوات والتي ضجت أرتريا من كثرتها حتى ضاقت ذرعا من ضجيجها وأكاذيبها….وحتى ضاع في وسطها حقها المشروع …. وحتى أصبح الشعب في حيرة عن التمييز بينها لتشابه أسماءها وترادفها ، فترى تحت إسم الرابطة الإسلامية ثلاثة أحزاب ، وتحت إسم أرتريا المستقلة حزبين ، وتحت إسم حزب الأحرار حزبين. ففضلا عن العامة يصعب على المتعلم التمييز بينها ….ومن المحتمل في مستقبل الأيام أن تولد أحزاب جديدة وأن يولد لها أولاد آخرون طبقا لشريعة الإستعمار إن لم يتداركنا الله بلطفه سريعا بقطع مصير أرتريا على ميزان العدل والإنصاف…”
القرار الفيدرالي ومؤتمر السلام:
لم يكن قرار الأمم المتحدة الفيدرالي مرضيا لأي طرف سياسي ، فالأتحاديون لم يكونوا ليقبلوا بشي أقل من الإنضمام الكامل ، والإستقلاليون لم يكونوا ليقبلوا بأقل من الإستقلال الكامل. ولكن بعد صدور القرار الفيدرالي بين أرتريا وأثيوبيا لم تجد الأحزاب بدا من قبول الأمر الواقع ، فقام الإستقلاليون بتغيير إسمهم إلى الكتلة الديمقراطية وفي عزمهم مواصلة كفاحهم لضمان تنفيذ القرار. وقبل الإتحاديون بالقرار كخطوة أولية لتحقيق الدمج الكامل.
ونظرا لما حدث من مناوشات وصراعات طويلة بين هذه الأحزاب ، فقد بادر بعض الزعماء إثر صدور قرار الأمم المتحدة إلى عقد لقاء للمصالحة لكل الأطراف السياسية ، وبناءا عليه وجهت الدعوة لكل القيادات السياسية والدينية في القطر للمشاركة في هذا اللقاء ، فتم عقد اللقاء في صباح يوم الأحد 22 ربيع الأول 1370 هجرية الموافق 21 ديسمبر 1950م في مبنى سينما “إمبروا” في مدينة أسمرة. وكان مجموع الحاضرين يتجاوز الأربعة آلاف شخص يتصدرهم سماحة المفتي ، وبطريرك الأقباط ، وأسقف الكاثوليك الإيطالي ، وجميع زعماء الأحزاب السياسية في أرتريا ، ورجال السلك الدبلوماسي كالقنصل الأمريكي والإيطالي والفرنسي ، وأعيان البلاد وغيرهم. وقد افتتح الإجتماع بكلمة إرتجالية لسماحة المفتي، ثم كلمة البطريرك والأسقف ، تلا ذلك كلمات رجال الأحزاب السياسية ، وبعد إنتهاء الإجتماع أقيمت للجميع مأدبة في فندق “شاو”. وقد كان هذا اللقاء فريدا في نوعه حيث جمع تحت سقف واحد كل الجهات والأطراف المختلفة في البلاد ، وكانت الأمال معلقة على هذا اللقاء ليبدأ الزعماء صفحة جديدة ويطووا الماضي بكل مافيه من صراعات ومناحرات. وكانت كلمة سماحة المفتي الإفتتاحية معبرة عن هذه التطلعات والآمال، وفيما يلي كلمة سماحته التاريخية في هذا اللقاء:
حضرات السادة:
الأديان السماوية عموما تدعوا الناس إلى الألفة والأخوة والتعاون على البر والتقوى، وكل أمة أقلتها أرض واحدة وأظلتها سماء واحدة إن لم يكن رائدها الألفة والمحبة والإخلاص في العمل المثمر، فنهايتها تكون غير محمودة .
واختلاف الأراء في المصالح المشتركة، وتمسك كل طائفة بمبدئها أمر معتاد بين بني البشر عموما، وتلك سنة الله في خلقه، وسلوك سبيل ذلك لا يعد جريمة، وكم في العالم البشري من أحزاب مختلفة المبادئ متفقة الشعور، والجريمة هي في التقاطع والتنابذ والإعتداءات والاستمرار فيها إلى النهاية.
ولقد كان السبب الرئيسي للتفرقة بين أبناء الشعب هو إختلاف أرائهم في تقرير مصير أرتريا السياسي مع إتفاقهم على ما يرفع شأنها، وبمشيئة الله تعالى قد تقرر مصيرها في يوم 22 صفر 1370هجرية الموافق 2 ديسمبر 1950م فلم يبقى بعد ذلك إلا توجيه النداء لتوحيد القلوب وتنظيم الصفوف بيد وقلب واحدة نحو المسائل الوطنية، ونحو المسؤوليات الكبيرة المتوقع إلقائها على عاتق أبناء الشعب الأرتري في مستقبل الأيام.
ومن المؤكد أننا قد أخذنا دروسا من الأيام الماضية، فيجب أن نعلم جميعا أن المصلحة العامة تحتم علينا محاربة التفرقة وأسبابها وتوحيد الكلمة وتدعيم وسائلها، وبدون هذا لا يمكن أن تتحقق السعادة لا للوطن ولا للشعب. وهذا لا يتحقق بمجرد الإجتماع والكلام، بل لابد له من إخلاص قلبي يوافق ظاهره باطنه، ثم الاجتهاد لتهدئة ومعالجة ما تركه العصر الماضي من المآسي والثارات بين أبناء الشعب على ضوء العدالة الإنسانية.
وبعد ذلك سد كل نافذة يخرج منها تيار المنازعات .. ونشرالأمور التي تساعد على إنتشار الألفة والوئام بين أبناء الشعب، إذ النار لا يؤمن شرها متى بقي منها شئ في ناحية من النواحي التى كانت مندلعة فيها، فحين إذ يطلب التدقيق من القائمين بإطفائها وتتبع أثارها والقضاء عليها تماما حتى يحصل الاطمئنان بخمودها نهائيا، وإلا فلا بد أن يندلع لسانها أو يطير دخانها بغتة بهبوب الهواء، فتفسد ما صلح أولا فيتسع الخرق على الراقع حينئذ.
وإنى أشكر لجنة الإخاء والسلام الأرتري التي جمعتنا في هذا المحفل الكبير لخدمة عمل جليل لإصلاح ناحية مهمة من المجتمع الإنساني والوطني، راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يكلل عملها بالنجاح وأن يكون هذا فاتحة خير تتلوها خيرات وبركات وسعادة، وأن يوفقنا جميعا إلى ما فيه رخاء وإخاء وراحة وسلام للجميع.
قائمة الأحزاب السياسية:
اسم الحزب | رئيس الحزب | تاريخ الإنشاء |
حزب الإنضمام إلى أثيوبيا | دجيازماش بيني براخي | 1941م /1360هـ |
الرابطة الإسلامية الأرترية | السيد محمد أبوبكر المرغني | 1946م/ 1366هـ |
حزب الأحرار والتقدم | راس تسما أسبروم | 1947م/ 1366هـ |
حزب العساكر القدماء | علي عاقة إبراهيم | 1947م/ 1366هـ |
حزب أرتريا الجديدة | جرزماش جرنكيئل براخي | 1947م/ 1366هـ |
الحزب الوطني | الناظر محمد نور نائب | 1947م/ 1366هـ |
حزب الإيطاليين الأرتريين | كماندتور جويددرسي | 1947م/ 1366هـ |
حزب أرتريا المستقلة | ولدأب ولدي ماريام | 1949م/ 1369هـ |
حزب المفكرين | جبريئل ولدى ماريام | |
الرابطة المستقلة للإتحاد مع أثيوبيا | محمد عمر قاضي | 1949م/ 1366هـ |
أرتريا المستقلة للإتحاد مع أثيوبيا | صالح بومنت | 1950م/ 1369هـ |
حزب الأحرار للإتحاد مع أثيوبيا | سيوم معشو | 1950م/ 1369هـ |
الرابطة المستقلة لإستقلال المديرية الغربية | حامد محمد نور أبو علامة | 1950م/ 1369هـ |
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!