زيارة أسفها ولد ميكائيل (ثاني رئيس للحكومة الأرترية) للمفتي وما دار بينهما

انتخب “الفيتوراري أسفها ولد ميكائيل”[1] كثان رئيس للحكومة الأرترية في العصر الفيدرالي،  في 9 أغسطس 1955م، خلفا “لتدلا بيروا”. وكان التصويت لصالحه من قبل الجمعية الأرترية  48 صوتا، مقابل 17 صوتا ضده، مع امتناع اثنين. عقب الانتخاب زار الرئيس سماحة المفتي في منزله، ودار بينهم عبر المترجم[2] (الشيخ محمد صالح موسى) ما ذكره المفتي فيما يلي:


“وقال لي رئيس الحكومة إنني بمناسبة اختيار الشعب لي رئيسا للحكومة الأرترية، أتيت لزيارتكم لؤأكد لكم بأنني سأقوم بخدمة الشعب بإخلاص تام. ولا يخفى أن الشعوب بطبيعتها تكره حكم الأجانب، والسبب في ذلك أن الأجنبي يستولي على خيرات البلاد ويستأثرها لنفسه ولأقاربه وخلانه.

ثم سألني قائلا: إذا وجد بين الوطنيين من يسلك مسلك الأجنبي ماذا يفعل فيه؟

فقلت له: يزيلونه وبدلا عنه يأتون بمن يلتزم العدل من الوطنيين.

ثم قال لي: إن الإنسان ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، وإني ربما أخطىء في بعض الأمور، ويفوت مني البعض الآخر، لذا أنا لا أستغني عن إرشاداتكم ونصائحكم، سواء كان ذلك في مسائل تتعلق بالدين أو في غيره، وذلك إما أن ترسلوا إلي … لطلب الحضور عندكم، وإما أن تحضروا إلي… وقد جئت هنا لزيارتكم ولأطلب منكم الدعاء والإرشاد..

فقلت له: إني أشكركم على هذه الزيارة، وأهنئكم بالمنصب الجديد وأتمنى، لكم التوفيق .. لخدمة الصالح العام، ولن نتأخر عن الإرشاد والنصح والدعاء لكم، لأن ديننا يطلب منا عمل ذلك… وكل ما يهمنا ويهم الشعب هو المحافظة على قرار الأمم المتحدة، ودستور أرتريا، وتطبيقهما نصا وروحا. وإنا نخشى أن يحدث التعدي على حقوق أرتريا[3]، فالحاكم إن كان عادلا محافظا على الحقوق والقوانين تدعوا له الجوارح قبل الألسن.  وإني لن أتأخر عن تقديم النصائح والإرشادات على قدر استطاعتي والمدار على العمل، فإن ظهر عدلكم بين الناس جميعا ستجدون التأييد الكامل من الشعب.

فقال لي: لا تخشوا من أن أضيع حقوق أرتريا، ومن البعيد أن يعتقد فيّ تسليم حقي إلى غير أرتري لأكون خادما عنده!!

ثم ودعته إلى الباب .. بعد أن مكث الحديث بيننا مقدار نصف ساعة.”


[1] نبذة عن أسفها:

  • وُلِدَ أسفها في عام 1914 في بلدة سقنيتي، في إقليم أكلى غوزاي.
  • درس في المعهد الكاثوليكي في كرن، وعمل كمترجم للإيطاليين.
  • لاحقًا، تم إرساله إلى إيطاليا لدراسة الإدارة. وفي إيطاليا، حصل على وسام “كافاليري” من الحاكم الإيطالي، موسوليني، تقديراً لخدماته لإيطاليا.
  • في عام 1952، أصبح نائبا لممثل الإمبراطور في إريتريا.
  • أصبح الرئيس التنفيذي الثاني لحكومة إريتريا في 8 أغسطس 1955.
  • كان له دور أساسي في إنهاء الحكم الفيدرالي بالقوة، حيث أعلن في نوفمبر 1962 في البرلمان الإرتري حل الفيدرالية، وتوحيد إريتريا مع إثيوبيا، مما أدّى إلى تصاعد الكفاح المسلح الذي دام 30 عامًا، حتى الاستقلال الأرتري.
  • تم تعيينه فيما بعد في منصب وزاري في إثيوبيا، حيث توفي فيها في عام 1993.
  • للمزيد، انظر كتاب: القضية الإرترية (بالأمهرية)، لمؤلفه: زودي رتا، ص 461 وما بعد.

ዘወዴ ረታ, የኤርትራ ጉዳይ (1941-1963)

[2] لم يكن سماحة المفتي على دراية باللغة التيجرينية، ولا أسفها كان يعرف العربية.

[3] كان تخوف سماحة المفتي في محله، فقد كان أسفها، رغم قوله للمفتي: “لا تخشوا من أن أضيع حقوق أرتريا”، أبرز من ضيع حقوق إرتريا، وخرق القرار الفيدرالي والدستور الإرتري.

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *