خطاب المفتي في الدفاع عن قاضي مدينة عدي قيح
كان سماحة المفتي يتلقى بين الحين والأخر تعليمات من المسؤولين بعزل بعض القضاة و تحويل آخرين منهم إلى مدن أخرى. وكان وراء هذه المطالب أصحاب المال والنفوذ ممن لهم خلافات شخصية مع القاضي من نظار القبائل، وكبار التجار، ومسؤولي المناطق. وكان سماحته يرفض اتخاذ أي إجراء ضد أحد من القضاة بدون تحقيق، ويصر على المسؤولين أن يقدموا أدلة واضحة تدين القاضي وتجعله غير كفء لمنصبه. وهذه رسالة تتعلق بقاضي مدينة عدي قيح (قاضي علي عمر عثمان) وفيها رفض المفتي تحويل القاضي إلى مصوع.
خطاب رقم 4643
إلى جناب المستشار القضائي
الموضوع: نقل قاضي عدي قيح
بالإشارة إلى جوابكم رقم 256 /عمومي/ مجلد ثالث بتاريخ 5 يونيو 1948م، أفيدكم ما يأتي :
- كل من قاضي عدي قيح، وعدي وقري، ومصوع، قضاة محليون يعرفون مشاكل مجتمعاتهم وعاداتها، ولغاتها، واختيروا في مراكزهم لهذا الغرض …. وجمهور المسلمين راضون عنهم عموما، فبقاء كل واحد في مركزه أفيد بكثير من نقلهم إلى مراكز أخرى – حسب تقديري-
- بتاريخ 21 أغسطس 1947م، قد تحادثت في مكتبكم مع سلفكم جناب المستشار القضائي في نفس الموضوع، وبينت له الأسباب التي تمنعني على الموافقة على نقل المذكور كما تجدونها موضحة في الفقرة الأولى من جواب رقم 388 في التاريخ المذكور، ثم بتاريخ 12 سبتمبر 1947م، قد جمع في مكتبه بيني وبين جناب الضابط السياسي بعدي قيح، وطلبت من جناب الضابط السياسي أن يبين لي الجنايات التي ارتكبها القاضي، وفهمت من كلام جنابه أنه ليس له أي جناية غير وقوفه مع قبيلته في الدفاع عن حقوقه الأرضية، تماما كما يفعل غريمه الناظر، وبعد ذلك اتفقنا على بقاء القاضي في مركزه .
- قد علمت تماما مما تقدم ومن القرائن الأخرى أن السبب الوحيد لطلب نقل قاضي عدي قيح هو النزاع الحاصل بينه وبين ناظر قبيلته في الحقوق الأرضية، والمدافعة عن الحقوق أمر طبيعي ولا يعد ذلك جريمة ينقل بها القاضي، وهذه منازعات وقتية تنتهي سريعا بحكم القانون القاطع، وعلى فرض استمرارها ففي مقدور القاضي أن يدافع عن حقه حتى بعد نقله من عدي قيح كما كان يدافع عنه قبل ذلك. ولذلك فإن نقل القاضي لهذا السبب -على تقديري- قليل المنفعة، ولو قارنتم سعادتكم بين المضرة والمصلحة التي تترتب على نقل القاضي المذكور ستجدون أن الأخيرة تزيد كثيرا على الأولى.
- نقل القاضي تحقيقا لرغبة الناظر فيه عز وفخر وزيادة هيبة للناظر، وإهانة وإذلال للقضاة الشرعيين، وتشجيع للنظار في الاستمرار بكيل التهم لهم إن لم يسيروا وفق أهوائهم، كما حصل مثل هذا ضد قاضي بارنتو في عام 1943م، وضد قاضي مصوع، وجندع، في عام 1945م، في أيام سلفكم، الكولنيل بارلين، وانتهى الأمر ببراءة القضاة وبقائهم في أماكنهم، وهذا عين ما أرجوه من عدالتكم لقاضي عدي قيح في هذا الحين.
- هذا ما أحببت لفت نظركم إليه، ومع هذا كله إن صممت إدارتكم على نقل المذكور فالأحسن .. أن يكون النقل بينه وبين قاضي مصوع رغم ما يترتب على ذلك من المضرات العديدة …… وختاما أكرر لكم رجائي الأكيد أن تتنازل إدارتكم عن موضوع فكرة نقل قاضي عدي قيح للأسباب المذكورة، ومراعاة للمصلحة الأكثر والأعم.
حرر 9 شعبان 1367هـ الموافق 16 يونيو 1948م
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!